البحث

السبت، 21 يوليو 2012

تقاطعات الباطنة... ما بين النزيف والحل الرديف!




ما زلت أذكر جيداً تلك الحادثة المأساوية التي وقعت في إحدى تقاطعات الباطنة والتي راح ضحيتها عدد من الطالبات الجامعيات، كان يوم جمعة مأساوي بامتياز،بالمصادفة كنت على طريق الموت نفسه بعد وقوع الحادث بدقائق، تلك الحادثة التي لم تفارق مخيلتي إلى الآن لفجاعتها، فالمشهد كان صادماً ولم يكن متوقعاً، تلك المأساة التي تسببت في إغلاق أغلب تقاطعات الباطنة في قرار سريع اتخذه المسؤولين لوقف نزيف الدماء المستمر، للأسف كان حلاً رديفاً ومؤقتاً على الرغم من مرور أكثر من عامين على ذلك القرار،وما زال الوضع على ما هو عليه!!، وكأنهم بإنتظار فاجعة أخرى ليتحركوا من جديد ويكملوا ما بدأوه.

... لم يحدث شيء سوى إغلاق التقاطعات وبعض المحاولات الخجولة لإنعاش ذلك القرار كالبدء أخيراً في تحويل دوار صحار إلى جسر علوي وبناء جسر رئيسي في بركاء وبعض التحويلات هنا وهناك، ولكن أين هي الحلول العملية الجذرية لبقية الدوارات والتقاطعات؟، لماذا لا تعاد صيانة طريق الباطنة بالكامل من جديد؟، فتبنى الجسور والأنفاق بدل الدوارات والتقاطعات، وتُوسع أكتاف الشارع من الجانبين وعمل الحمايات اللازمة كطريق مسقط السريع مثلاً، كل ذلك اذا ما تم وفقاً للمواصفات العالمية للسلامة المرورية سيسهم وبشكل ملفت للأنظار في تقليل مستوى الحوادث؛ لأن نسبة الأمان قد زادت وبالتالي سيقل عدد ضحايا الحوادث، من جهة أخرى لن تتعطل مصالح المواطنين في جانبي الشارع؛ فالكثير منهم يسكنون في جهة ويمتلكون مصالح وأملاك في الجهة الأخرى من الشارع الرئيسي  كالمزارعين وأصحاب المحلات التجارية وحتى طلاب المدارس الذين يقطعون عشرات الكيلومترات يومياً للمرور بأقرب دوار وبالتالي العبور إلى الجهة المقابلة ذهاباً وإياباً من وإلى المدرسة!، كل ذلك يزيد من مصروفات وجُهد ومعاناة تلك الفئات، فكان من الأحرى منذ البداية أن توضع الخطط البديلة المناسبة ليتم تطبيقها على أرض الواقع بدون أي تأخير وبالتالي عدم الإضرار بأرواح ومصالح المواطنين.

في إطار متصل ووفقاً لإحصائيات الإدارة العامة للمرور حيث تفيد بأن عدد الحوادث في مختلف مناطق السلطنة في شهر يونيو وحده بلغت 771 حادث مروري، حيث تسببت تلك الحوادث في وفاة أكثر من 100 شخص وبلغت عدد الإصابات أكثر من 980 إصابة، وتراوحت تلك الإصابات بين الإعاقات المستديمة والإصابات بالغة الخطورة وأخرى طفيفة! حيث نالت محافظتي جنوب وشمال الباطنة النسبة الأكبر من تلك المحصلة بأكثر من 30 ضحية، في حين لو قارنا تلك الإحصائية بإحصائية أخرى لدولة صديقة ألا وهي جمهورية (العراق) والتي تعاني من العنف يومياً سنجد بأن عدد قتلى الشهر الماضي (يونيو) بلغ 280 شخص على الأقل وأصيب المئات بجروح جراء أعمال عنف متفرقة وقعت خلال شهر يونيو الماضي في عموم العراق، وفقا لحصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استناداً إلى مصادر أمنية وطبية عراقية كما ذكرت قناة سكاي نيوز العربية، في حين أن عدد سكان السلطنة يقارب 3 مليون نسمة وعدد سكان العراق أكثر من 30 مليون نسمة، بمعنى أن عدد ضحايا الحوادث في دولتنا الحبيبة يفوق بكثير عدد ضحايا العنف في العراق بالمقارنة بعدد سكان الدولتين،بحيث أن النسبة ستكون (1 / 10) !.

بالفعل أرقام مذهلة ونزيف الطرق ما زال مستمر على الرغم من الجهود الحثيثة "للحد من حوادث المرور" "وتجنب أخطاء الآخرين" وهي الشعارات التي لطالما سمعناها ونسمعها يومياً بمختلف الوسائل الإعلامية، لكن المشكلة ليست في الحملات الإعلامية المكثفة ولكن المشكلة في عدم تأهيل الطرق العامة لتتوافق مع المعايير الدولية للسلامة المرورية، فطريق الباطنة مثلاً بدواراته المزعجة والذي أنشأ في الثمانينات لم يعد يستوعب الحركة المرورية الكثيفة؛لإفتقاره لعدد من معايير السلامة المرورية كالجسور، الأنفاق، الإشارات الضوئية ،الأكتاف الجانبية في بعض المناطق، بالإضافة إلى التشققات التي يعاني منها الطريق في بعض الأماكن، وعلى الجانب الآخر أيضاً عدم مخالفة أصول القيادة في الطريق لأن القيادة فن وذوق وأخلاق وهي المبادئ التي لطالما نتغنى بها ولا يطبقها الكثير منا على أرض الواقع للأسف، شخصياً أنا مع تغليظ العقوبات على المتهورين وتشديد الرقابة على رخص القيادة الجديدة؛ فمن يستحق الرخصة يحصل عليها ويظل تحت المراقبة لشهور حتى تثبت أهليته لتلك الأمانة.

شيء آخر،لماذا يمر طريق الباطنة الرئيسي بمجاري الأودية في بعض المناطق !؟،وحينما تأتي الأودية الجارفة تأخذ معها كل ما يصادف في طريقها حتى الطريق نفسه في بعض المناطق،وبعدها  يتم الإعلان عن مناقصة أخرى لصيانة الشارع من الأضرار التي حدثت به !، ألم يكن من الأحرى منذ البداية أن يتم عمل مجاري خاصة بالأودية بحيث يمر الشارع فوق تلك المجاري بدون أن تتأثر الحركة المرورية بشيء،وهو عكس ما نجده في الوقت الحالي للأسف؛حيث نجد طوابير طويلة من السيارات والشاحنات تقف في الطريق عند جريان الأودية وقد تصل مدة الإنتظار في بعض الأحيان ليوم كامل حتى يضعف منسوب تلك الأودية!؛وبالتالي ترجع الحركة المرورية تدريجياً إلى وضعها الطبيعي بعد حين!، ولكن  ما ذنب المواطنين حينما تتعطل مصالحهم وتتعطل أيضاً الحركة التجارية والإقتصادية والسياحية وتبقى تلك الحركة مرهونة بضعف وقوة تلك الأودية في حين كان بالإمكان تجنب تلك الهفوات منذ البداية!.

إذن ومن باب التسهيل على المواطنين فلابد من إيجاد الحلول العملية السريعة للتعامل مع طريق الموت هذا بكل إحترافية؛ لأنه إستنزف الكثير من الدماء الغالية على قلوبنا وقد حان الأوان لوقف ذلك النزيف بالطريقة الأمثل بالفعل ووفق المعايير العالمية المتبعة في هذا المجال، وأيضاً حتى لا تتعطل المصالح الحكومية والخاصة بسبب سوء التخطيط، وكلي ثقة بالمخلصين الذي يعملون من خلف الكواليس لإيصال مثل تلك النداءات للمسؤولين حتى تنتهي تلك المعاناة ويطوى آخر فصل من فصول تلك المعاناة والتي لا تكاد أن تنتهي إلا بقرار جريء من مسؤولينا الكرام، على أن يؤخذ بعين الإعتبار الخسائر البشرية والمعنوية فوق الخسائر المادية.

الاثنين، 9 يوليو 2012

لغز الدرجة الخامسة.. والحل بطريقة مثلى !




لغز الدرجة الخامسة لا زال محيراً، وكما يبدو أن السنوات الخمس العجاف التي استهلكها الموضوع في الدراسة والترقيع والشد والجذب لم تكن كافية للخروج بحل يرضي آلاف الموظفين الذين يعتبرون وجودها خطاً أحمر ولابد من زوالها، وعودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل استحداث تلك الدرجة (الخامسة) والتي تتوسط الدرجتين 2/2 و 1/2 في النظام القديم، فلا يختلف اثنين بأن استحداث تلك الدرجة قد أضرّ بشريحة واسعة من موظفي الخدمة المدنية؛ كونها لم تنصفهم فوقعوا في شباكها منذ بداية تطبيقها في قانون الخدمة المدنية وخاصة الموظفين الذين تمت ترقيتهم الى الدرجة الخامسة في عام 2006 و 2007م من أقدمية وتعيين 2002م و2003 م .

اذاً وبعد وضوح أصل المشكلة فلابد من الوقوف بحزم عند الأسباب التي أدت الى وضع تلك الدرجه في سلم الدرجات الحالي، السلم الذي عفى عليه الدهر هو الآخر ولم يعد يواكب المتغيرات الحالية في الإرتفاع الهائل للأسعار والتي تجاوزت 100% في الكثير من السلع الأساسية، هنـا وبعد الوقوف على جوهر المشكلة فلابد من وضع الحلول الجذرية لمعالجة تلك المسألة والتي تسببت بالإضرار بشريحة كبيرة من الموظفين الخاضعين لقانون الخدمة المدنية، وقد تجاوز عددهم الـ25 ألف موظف حسب إحصائية رسمية سابقة.

من  جانب آخر سبق وأن رفعت عريضة مطالبـات لموظفي قطاع الخدمة المدنية إلى وزير الخدمة المدنية بتاريـخ 20 مارس 2011 م، وقد كانت مسودة العريضة تتمحور في عدد من المطالب العامة بقطاع الخدمة المدنية وقد كان من بينها؛ الغاء الدرجة الخامسة من سلم الدرجات المعمول به حالياً وتقليصها من عدد (14) درجة مالية إلى عدد (13) درجة مالية،بالإضافة إلى مطالب أخرى يعرفها المسؤولين القائمين على دراسة الموضوع، كما وأن هناك تقييماً شاملاً يُجرى حالياً للائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية والتي يعكف على تقييمها مجلس الوزراء؛ من أجل النظر في تطابقها ومتطلبات المرحلة القادمة،وأتمنى أن ينتهي ذلك التقييم بأسرع وقت ممكن وأن يخرج بجملة من التوصيات الهامة في صالح الوطن والمواطن،كما وأتمنى أن لا يستغرق ذلك التقييم المدة التي استغرقها موضوع الدرجة الخامسة.

على صعيد متصل، طالعتنا الصحف المحلية في عددها الصادر بتاريخ 7 يوليو 2012 م بتصريح مهم لوزير الخدمة المدنية، حيث كان في مضمونه (( وطمأن معاليه جميع شاغلي الدرجة الخامسة بأن الدرجة في طريقها إلى الحل بطريقة مثلى )) كان ذلك في مؤتمر صحفي عقده معالي الوزير في وزارة الخدمة المدنية، أملي أن يكون ذلك الحل بالطريقة "المثلى" بالفعل، بحيث لا يكون مبتوراً أو ناقصاً من جديد بالمقارنة مع الفترة الطويلة التي استغرقها الموضوع في الدراسة بين أروقة مكاتب المسؤولين.

 من جانب آخر ومن تابع هذا الموضوع منذ البداية يتذكر التصريح الهام لمجلس الوزراء على لسان وزير الخدمة المدنية في تاريخ 14 مارس 2012م، حينمـا قال في مضمونة     (( الحكومة عاكفة على إيجاد حلول عملية لموضوع الدرجة الخامسة من جدول الدرجات والرواتب الوارد في قانون الخدمة المدنية، مضيفا: أن هناك جهودا حثيثة تبذل من مختلف الجهات المعنية من أجل الإسراع في هذه المعالجة، منوها معاليه إلى أن هذا الموضوع كان محتماً عليه - آنذاك - أن يمر بمراحل قانونية ومالية وتنظيمية ))،ممتاز جداً ولكن لا أعلم شخصياً لما كل هذا التأخير في الإفصاح عن نتائج التعديل القادم في قانون الخدمة المدنية، ولكن كلي ثقة بإنتهاء الموضوع على نحو يرضى تطلعات السواد الأعظم من موظفي الحكومة.

شخصياً أنا متفائل جداً بتصريحات "معاليه" كونه كان من أبرز المطالبين بإلغاء الدرجة الخامسة أوإيجاد حلول جذرية لهذة المشكلة قبل أن يصبح وزيراً، والآن القلم يجري بيده ولكن للأمانة فالموضوع متصل بجهات أخرى أيضاً كمجلس الوزراء ،مجلس الخدمة المدنية ،وزارة المالية وأخيراً مجلسي الشورى والدولة،فكان لزاماً أن يتأخر الموضوع كونه يمر بعدة قنوات قبل إعتماده أخيراً من مجلس الوزراء أو استصدار مرسوم سلطاني لتعديل قانون الخدمة المدنية؛ لأن المرسوم السلطاني لا يلغيه أو يعدله سوى مرسوم سلطاني آخر حسب النظام الأساسي للدولة.

هناك من يطالب بالمساواة بين رواتب وحوافز موظفي الخدمة المدنية وموظفي الأجهزة الأخرى وأن يكون الفارق فقط في علاوة طبيعة العمل، شخصياً أراه مطلب منطقي كونه سينصف عشرات آلاف الموظفين الذين أصابهم الإحباط من ضعف الراتب وقلة المزايا والتي لا تتناسب مع المرحلة الحالية بتاتاً، ولن أقارن ما بين جدول رواتب دولتنا الحبيبة بجداول رواتب دول الجوار؛لأن لا مجال للمقارنة!.

 كما وأنّ نداء الإنصاف هذا يشمل أيضاً موظفي القطاع الخاص فلابد من وجود آلية جديدة للتعاطي مع مطالبهم العادلة؛ فكفى طمعاً وجنياً للأرباح من قبل الشركات في مقابل استنزاف قوى وصحة العمال البسطاء من أبناء الوطن الكرام، أملي أن يناضل مجلس الشورى ويقنع الحكومة بجملة المقترحات التي اعتمدها مؤخراً لتخفيف العبء عن موظفي القطاع الخاص حتى ينعم الجميع بالطمأنينة وراحة البال في وطن رائع بقيادة رجل رائع.

الأحد، 1 يوليو 2012

التوعية الإعلامية " لحمــاية المستهلك "




"الهيئة العامة لحماية المستهلك قد لا تكون حاضرة أمامك ولكنها حاضرة في ضميرك وقرارك" .. شعار في إعلان تلفزيوني لفت انتباهي للهيئة العامة لحماية المستهلك على التلفزيون العماني،يأتي ذلك من خلال حملة توعوية واسعة تبنتها الهيئة لتوعية المجتمع بضرورة توخي الحذر من أسعار السلع المبالغ فيها وأهمية الإنتباه عند التسوق تجنباً للوقوع في شباك السلع المقلدة التي تروج لها الكثير من الشركات تحت مسميات مختلفة وشعارات رنانه بالإضافة إلى توعية المستهلك بأهمية إلمامه بالثقافة الإستهلاكية.

بلا شك أنّ تلك الحملات التوعوية سيكون لها الأثر الإيجابي على المجتمع عاجلاً أم آجلاً وذلك ما يحسب للهيئة بحملتها الرائعه، ولكن السؤال المهم: هل المواطنين البسطاء لديهم المعلومات الكافية للتعرًف على السلع المقلدة من السلع الأصليًة؟، بالطبع لا ،وهنا يأتي دور الهيئة في عمل الندوات والمعارض التعريفية لتثقيف المستهلك وتكثيف الحملات التفتيشية المفاجئة للمراكز بمختلف أنواعها وتغليض الغرامات إذا أمكن والضرب بيد من حديد على هكذا تجاوزات وعدم التهاون في الدفاع عن مصالح المجتمع؛ لأنها أمانة ثقل حملها، بكل تأكيد لن يكون العمل سهلاً وكاملاً ولكنه سيكون رادعاً وبشكل كبير لهكذا نفوس غلًبت مصالحها الخاصة على المصالح العامة طمعاً في الربح السريع والسهل.

وحتى نكون أكثر إنصافاً ونبتعد عن السلبيات قليلاً سنجد أن الهيئة بموظفيها الذين تجاوزوا ال500 موظف بقليل، قد لفتوا الإنتباه في الفترة الأخيرة بالرغم من صغر حجم فريق العمل بالمقارنه بوجود عشرات آلاف المراكز والمحلات التجارية والتي تتوزع على مناطق السلطنة الممتدة على أكثر من 300 ألف كم،هؤلاء المخلصين قد لفتوا الإنتباه بالكشف على كثير من التجاوزات ومصادرة السلع منتهية الصلاحية والتي يعود تاريخ إنتهاء بعضها لمنتصف التسعينات!!، وهنا أقصد المواد التجميلية التي صُودرت مؤخراً من إحدى المراكز التجارية، هذا فضلاً عن مصادرة العديد من المواد الغذائية غير الصحية والتي لا تلتزم بالمواصفات العالمية في السلامة الغذائية وتتعارض مع المادة التاسعة من قانون حماية المستهلك والتي تنص على: أن للمستهلك الحق في الحصول على كل ما يضمن له صحته وسلامته عند تزويده بأي سلعة أو خدمة وعدم الحاق الضرر عند استعماله العادي لهذه السلعة أو الخدمة. وقد انتهت بعض تلك القضايا في أروقة المحاكم وصدرت بحق المخالفين الأحكام القانونية الرادعة.

مركز اتصالات الهيئة العامة لحماية المستهلك قصة أخرى في رقي التعامل للأمانه، وسرعة الرد على الإتصالات حاضرة وبقوة، وهذا ما لمسته شخصياً، مما يؤكد وجود أيادي مخلصة تعمل من خلف الكواليس في سبيل سير العمل بكل مرونة ويسر، وأتمنى أن يستمر ذلك الأداء على هذا النحو وأن لا يضعف مع مرور الوقت، بل نتمنى الأفضل والأحسن مستقبلاً.

هناك سؤال آخر مهم يتبادر في ذهن القارئ الكريم ألا وهو: أين كان دور جمعية حماية المستهلك سابقاً ؟ سؤال سهل ولكن الإجابة عليه صعبة جداً؛لأن المسؤولين المشرفين على تلك الجمعية لن يرضوا بأن ينبشوا الماضي ويزعجوا أنفسهم بالإجابة عن أسئلة يعرفون بأنها ستجلب لهم المزيد من وجع الرأس!! ابتداءاً من عدم الرد على اتصالات المستهلكين اليومية وليس إنتهاءاً عند الشكاوي والتجاوزات التي لم يتم التعامل معها بحرفية تامة، وهو ما يؤكد ضعف تلك الجمعية سابقا، ونتيجة لذلك الدور الضعيف للجمعية ولمطالبات المواطنين المستمرة بضرورة وضع حد لكبح جماح الأسعار وطمع التجار،أنشأت الهيئة العامة لحماية المستهلك بمرسوم سلطاني رقم (26 / 2011 ) ،فكان إنجازاً ولد من رحم تلك المعاناة المستمرة والتي لا تكاد أن تنتهي بالرغم من دور الهيئة الحالي في التصدي لكافة أنواع استغلال المستهلك.

من هنا فلابد من وضع قائمة بأسماء المراكز التجارية المعتمدة من قبل الهيئة في المناطق،على أن تُسعر السلع دون مبالغة وتصادق الهيئة على تلك الأسعار وتُعتمد رسمياً وتنشر في الصحف المحلية بإستمرار،وذلك بلا شك سيشجع بقية المراكز التجارية في كافة المناطق على تقليل الأسعار وبشكل ملحوظ اذا ما توجه المستهلك لغيرها من المراكز ذات المنتجات الأقل سعراً والأفضل جودة.

السينما العمانية.. إلى أين ؟؟




لماذا تغيب صناعة السينما عن الساحة العمانية؟ سؤال- وُضع تحته ألف خط - ويجعل النفوس تتساهل عن السبب الرئيسي لغياب صناعة مهمة تعد عالمياً من أكثر الصناعات نمواً وإزدهاراً وأكثرها رواجاً،عمان تتمتع بطاقات بشرية رائعه في مختلف المجالات ومن بينها للذكر لا للحصر الطاقات المبدعه بالفطرة في مجال التصوير والإخراج وكتابة السيناريو والتمثيل والمونتاج، وأنا متأكد بأن تلك الطاقات ستتفجر يوماً ما إذا ما أحسن استغلالها وتوظيفها في المكان المناسب وقدم لها الدعم اللازم وكافة أنواع التسهيلات.

لماذا لا يكون هناك توجهاً لوضع السلطنة في صدارة الدول الراعية لإنتاج السينما في المنطقة؟ بل وإرسال الطاقات العمانية لدول أخرى للمساعدة في ازدهار هذا النوع من الصناعه فيما بعد، بكل تأكيد ذلك ليس صعباً وليس مستحيلاً؛فالإنجازات كانت أحلاماً يوماً ما وأصبحت حقيقة واقعية بعد حين،لأن من أراد الوصول إلى القمة يجب أن يسعى لها وهذا ما نأمله من المسؤولين الكرام في وضع موطئ قدم للسلطنة في مجال صناعة السينما على مستوى المنطقة على الأقل.

إنّ مهرجان السينما الذي تستضيفه السلطنة وبشكل سنوي والذي يتم فيه تكريم تلك الأفلام التسجيلية والقصيرة الرائعه وتكريم المبدعين على المستويين الرسمي والخاص يعد بادرة طيبة للقائمين على ذلك المشروع، حيث أبدعت الطاقات العمانية بإمكانياتها المحدودة وأبهرت الأعين في التصوير والتمثيل والإخراج وحتى على مستوى كتابة النصوص بالرغم من كافة الصعوبات المحيطة، كل ذلك يجعل السؤال الأهم يطرح نفسة وبشدّه وهذا على لسان عدد من المتابعين وحتى بعض الضيوف الذين كانوا ضيوف شرف في مهرجان السينما العمانية في الدورات السابقة وقد كان مضمونه: لماذا لا يتم الإهتمام بتلك الطاقات العمانية الرائعه وصقل مهاراتها لتبرز للعالم بشكل محترف ؟؟؟.

 مجال آخر لا يجد أي اهتمام ألا وهو (مجال تصوير الخدع السينمائية)والذي ينعدم في عمان، وفي بعض الأحيان يتم الإستعانة بتجارب دول عربية وصديقة في هذا الجانب كالأردن وإيران!!، يأتي هذا في الوقت الذي تتعالى فيه الأصوات بضرورة الإهتمام بهكذا صناعة وخاصة بعد إنشاء لجنة تطوير الدراما العمانية بمرسوم سلطاني والتي ينعدم دورها للعيان إلى الآن!!،الأمر الذي يجعلنا نتسائل عن سبب إنشاء تلك اللجنة من الأساس اذا لم تقم بدورها على أكمل وجه!! .

سؤال آخر: ما هي فوائد الإهتمام بهكذا صناعة؟ ،في الحقيقة إن الفوائد كبيرة وستكون مذهلة إذا ما أحسن إستغلال تلك الصناعة، فـعلى سبيل المثال ستتوفر المئات من فرص العمل الفورية وأخرى على المدى المتوسط وستنتعش السياحة وصناعة المنسوجات والمشغولات اليدوية بالإضافة إلى احتكاك الطاقات العمانية بالخبرات العربية والعالمية وبالتالي إعتماد تلك الطاقات على نفسها بعد حين وإبداعها ولا أستبعد أن يتم الإستعانه بها في الدول المجاورة بعكس ما هو حاصل الآن في إستعانتنا بخبرات صديقة في هذا المجال.

في تصريح لرئيس الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون في إحدى الصحف المحلية حيث قال:" الهيئة ترتبط بشكل جوهري بنشأة السينما في عمان، بل وتعد فاعلا رئيسيا في دعم صناعة السينما وإنتاج الأفلام، وخاصة مع وجود دائرة للإنتاج الدرامي بالهيئة حيث قامت هذه الدائرة بإنتاج باكورة الأفلام العمانية، وخاصة على مستوى الأفلام التسجيلية والقصيرة" ، ممتاز جداً وأتمنى شخصياً أن يستمر هذا الدعم وأن يكون دعماً بسخاء مستقبلاً حتى نصل إلى الهدف المنشود،وهذا ما يجعل مهمة دائرة الإنتاج الدرامي مهمة شاقة بكل تأكيد وأنا على يقين بأن المسؤولين الكرام لن يألوا جهداً في تذليل كافة الصعوبات التي تواجههم وهي كثيرة بالطبع.

رسالة آخرى يجب أن تصل إلى هدفها: السينما رسالة حضارية وسامية وفرصة للتقارب بين الشعوب ،فلا يجب أن نستغلها الإستغلال السلبي ونظهر سلبيات ومساوئ المجتمع، بل من الأحرى أن يتم تسليط الضوء على الإيجابيات والأهداف السامية كالحب والتقارب وصلة الأرحام وتسليط الضوء أيضا على تراث هذا البلد وحضارته وإنتقاء الأماكن الرائعه للتصوير حتى نعكس وجهاً مشرفاً للسلطنة  والإنسان العماني في المحافل الدولية ،وأقرب مثال على ذلك الإبداع الدولة الجميلة (تركيا) التي تزدهر فيها هذه الصناعه ودائما ما  تفاجئنا بما يذهل الأنظار.